عبارة عرفها الشارع المصري منذ القدم، ولعل روايات نجيب محفوظ قد تُغرقك في الواقعية، حيث جسدت شخصية الفتوة بكل تفاصيلها والتي ظهرت بأشكالها المختلفة في السينما، وكانت صورة الفتوة تتمثل في أنه قويًا شجاعًا ينصر المظلوم ويتصدى للظالم،
كافلام : ” الفتوة”.. “الشيطان يعظ”.. “التوت والنبوت”.. هى أسماء لبعض الأفلام والقصص والراويات القديمة عن الفتوة والفتونة ودورهم فى حماية الحارة أو المنطقة التى يتبعون لها، بل كانوا هم المسيطرون على كل شيء يخص هذه الشوارع، حيث يقوم الفتوة بحل المشاكل بنفسه مهما بلغت حدة صعوبتها، كل هذه الأحداث والوقائع كانت حاضرة من خلال أفلام ومسلسلات أثرت كثيرًا فى طابع وحياة المجتمع المصرى قديمًا وحديثًا، روايات قام بكتابتها نجيب محفوظ وغيره من الكتاب المشهورين، لتصبح بعد ذلك واقعًا نعيشه، وأحيانًا يتعرض كثير منا لهذه المواقف مع “الفتوات”، ولكن الآن تحت مسمى جديد، وهو “البلطجية”.
كلمة “البَلْطجة” أصبحتْ مِن المرادفات المتكرِّرة بكثرة في لهجة شبابنا وتصرُّفاتهم، وأصبح الشاب (البلطجي) أو الشاب (الفتوة) او ( الصايع) مِن الرموز الأكثر صيتاً و شهرةبين الشباب!
والبلطجة تعني: فرضَ الرأي بالقوَّة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم، وكلمة بلطجة أصلُها ليس عربيًّا؛ حيث إنَّها كلمة تركية بمعني: (بلطة جي) أي حامِل البلطة، وقد كانتْ (بلطة جي) فرقة في الجيش العثماني، إبَّان حُكم العثمانيِّين لمصر، وقامتْ بتمرُّد عامٍّ، ونشروا الفساد في أرجاءِ البلاد، وتَمَّ تحريف الكلمة بعد ذلك؛ لتدلَّ على الشخصية التي تَستخدم العنفَ في تعاملاتها اليوميَّة.
وللأسف فقد يعتقد بعضُ الشباب أنَّ البلطجة هي الأسلوب الأمثل للحصول على ما يُريد، سواء كان حقه أم لا
و اشتهر المثل ( ال ما عندوش صايع حقه ضايع )، وتطوَّر الأمر لمرحلة القتْل
واستخدام السلاح، وليس فقط التهديد به في بعضِ الأحيان، خاصَّة مع بعض حالات الفلتان الأمني التي تُعاني منها بعضُ الدول عقِبَ ثورات الإطاحة بالحكَّام، فلم يعُد هناك رادع لاستخدام البلطجة!
و كشفت بعض التقارير عن وجود أكثر من 500 ألف بلطجى ومسجل خطر فى محافظات مصر، يرتكبون كل يوم شتى أنواع الجرائم بمقابل مادي، حيث تحولت «البلطجة» إلى مهنة ولديها قوة وعتاد لبث الخوف فى نفوس الآمنين.
و البطلجة مِثل أي مهنة أخرى، لها سماسرُتها وكبارها، فمن يريد استئجار بلطجية يقوم بإعطاء المبلغ كاملاً إلى السمسار الذي يحدِّد بدوره عددَ الأفراد وطبيعة قوتهم، ويرسم لهم الدورَ الذي يقومون به، وهو ما يُنفذه البلطجيةُ بدقة، ويعاقب أي بلطجي يخرُج عنها، ولا يشترط أن يكون الشابُّ البلطجي عاطلاً، ولكنه يعمل ويمارس البلطجة في أوقات “فراغه”! بل وهناك بلطجية طلاَّب جامعة، وموظفون حكوميون ومثقفون
و وصلت خسائر الدولة و والمؤسسات و الافراد حجما هائلاً.
و حتي هذه اللحظه لا يوجد علاج جذري لهذه الظاهره المرعبه.